روبورتاج

“حنة الزّواج”.. رمزية واحدة وطُقوس مُتنوعة. فلنتعرف عليها أكثر

“حنة الحبيب” هي واحدة من التقاليد التي تسبقُ يوم الزّواج في الجَزائر. والتي يتمّ إحياؤها في جميع مناطق ووِلايات الوطن ولكن بطَرائق مُختلفة.

سواء تعلق الأمر بالطُقوس المُرافقة لها، أو موعد إقامتها. هو ما حاولت “عرسي.كوم” نقله لكم من خلال هذا التقرير.

طقوس حنة الزواج في الجزائر

الشائع أنّ هذه احتفالية حنة الحبيب تُقامُ في الجزائر للمرأة وكذا للرّجل. أما بالنسبة للمُقبلة على الزواج، فترتبط عادة بيوم “قراءة الفاتحة”، أي الزّواج وفق الشّريعة الإسلامية. والذي يلي غالبا عقد القران الإداري.

أما العريس فيُقيم مع أهله وأصدقائه حفلا بسيطا. ويتناولون طبق طعام تقليدي، كما تُرفقُ بعادة إهداء المال للطرفين، أو ما يُسمى بـ”تاوسة” الزواج.

كما أنّ المُتعارف عليه أنّ حنة العرس التي تُوضع في كف المرأة أو الرجل، تُخلطُ بالماء وماء الزهر أو ماء الورد أو حتى ماء زمزم. وكذا بالبيض الذي يرمز عادة إلى إنجاب الأطفال.

ومن العادات الشائعة أيضا أن يُترك الشمع الذي يُشعلونه عادة حتى يذوب كاملا.

وأنّ الحنة تضعها سيدة مسنة من أهل العريس، على أن لا تكون مُتزوجة مرّتين أو مُطلقة درءًا للشُؤم.

 كما اِنتشرت عادة إخفاء حَنة العرس المتبقية خوفا من سَرقتها من طرف أحد الحاضرين واستعمالها في السحر والشعوذة.

وهو الأمر الذي دفع العديد من الأسر إلى التخلي تماما عن هذه العادة، أما ما يتبقى من ماء فيلقى به في الورد.

حنة العرس، كيف ومتى تقام

هذا عُموما، لكن كيف، ومتى وأين تُقام حنة العرس؟ .. هي تفاصيل تختلف من وِلاية لأُخرى.

بل ومن منطقة لأخرى. رغم أنّ الجامع بينها واحد، وهو رمزية الفأل الحَسن. أو ما يُطلق عليه بالعامية “الفال”.

في شرق الجزائر

في قسنطينة شرق الجزائر، ترتدي العروس “جبة” أو “قندورة القطيفة”، وتضع فوق رأسها ما يُعرف “بالدراية”، إضافة إلى كميات من الذهب ولو اضطرّت إلى اِستعارتها.

ومن طُقوس وضع حنة العرس أن تحمل كلّ واحدة من قريباتها شمعة طويلة، وكلهن يرتدين اللباس التقليدي “الفرقاني”.

وتحضر بالمناسبة صينية خاصّة تحتوي على مرشٍ نحاسي، الحليب وماء الزهر.

وعادة ما تقوم إحدى النساء من أهل العريس لتضع الحنة للعروس فتبلل الحنة بالحليب الذي يعتبر رمزا لطيبة وصفاء نفس العروس. إضافة إلى ماء الزهر لتكون ذات حظ وافر.

ثمّ تُرشقُ العروس بالتمر أو بالحلوى، قبل أن يُشكلَ لها قرص حنة في كلا اليدين وتلبس قفازا في جوٍ تملأه الزغاريد.

وبعد الحنة تأتي عملية الرشق.

حيث تقدم أم العريس مبلغا من المال يُضاف إلى الهدية الذهبية التي يتمّ الاِتفاق عليها مُسبقا.

أما في وِلاية تبسة أقصى الشرق الجزائري يُخصص يوم يُطلق عليه “الكسوة”.

حيث يحمل أهل العريس مجموعة من الألبسة التقليدية والمُتمثلة في “اللحاف، السفساري، المحرم والملحفة” على أن يكون المَوكبُ مُكونا من بعض النسوة والرجال.

يُستقبَلونَ لدى وصولهم من طرف أهل العروس بالبارود والزغاريد، قبل أن تشرع العائلتان في إتمام مراسيم العقد الشرعي بحضور إمام لقراءة الفاتحة وأكل الكسكسى موضوع في “قصعة” (إناء كبيربها لحم كثير.

ثمّ تقوم عجوز من أهل العريس بوضع حنة في يد العروس حتى كوعيها ورجليها حتى الكعبين. وتضع في ساعديها قطعة من الفضة، أو ما يُسمى “مقواس فضة مع وضع قطعة سكر في فمها. علما أنها عُوضت بالحلوى حاليا.

في منطقة القبائل

أما في وِلايات الوسط، على غرار تيزي وزو، تقام حفلة يتنقل فيها أهل العريس إلى بيت العروس.

حيث تكون هذه الأخيرة غاية في الجمال من خلال اللباس التقليدي الذي ترتديه.

ويكون عادة “جبة واضية” باعتبارها الأصلية وتشدها بحزام يدعى “أقوس نلفوضة”، أو أخرى عصرية.

كما تضع الفضة المناسبة كالخلخال، المقياس، العصابة والعقد، وتغطي وجهها بمنديل غالبا ما يكون من اللون الأحمر.

وأحيانا يكون مطروزا بخيوط حريرية ملونة، وفي الجهة التي يجلس فيها الرّجال يُقدَمُ المهر.

وتُقرَأُ الفاتحة على الزوجين الجديدين بحضور وفد من الرجال والشهود والعريس وولي أمر العروس.

وبعدها يُقدم أهل العروس عشاء لأهل العريس، أو ما يُسمى “اعراسن” متمثل في طبق الكسكس باللحم المُحضّرِ من العجل، الذي كان العريس قد قدّمه لهم.

وفي منزل العريس، وفي نفس الليلة، توضع الحنة له بحضور جميع المدعوين وذلك بعد العشاء.

حيث تنصبُ طاولة في الهواء الطلق بوسط القرية، وباِستعمال “الميكروفون”، وتحت زغاريد النساء وغناء الرجال.

في الجزائر العاصمة

وفي العاصمة يستقبل أهل العروس أهل العريس بـ”المريّش”، نسبة إلى  المرش الصغير الذي يُشبه قارورة عطر يُصنعُ من النحاس أو الفضة ويُملأُ بالعطر وماء الزهر.

ثم يُحيطون بالعروس المُرتدية القفطان العاصمي والمغطى رأسها بوشاح مطرز، وتقوم أكبر فرد من أسرة أهل العروس بوضع حنة العرس لها لتطلق العنان لصوتها بإلقاء أغاني تعرف بـ”التقدام” في جو تملأه الزغاريد.

وتقوم الفتيات غير المتزوجات بمشاركة العروس في وضع الحنة في أيديهن لتجلب لهن الحظ في إيجاد فارس أحلامهن والزواج سريعا.

في الأطاس البليدي

وفي البليدة، تجلس العروس على وسادة مطرزة وأفرشه خاصّة بهذه القعدة في وسط البيت الذي تقام فيه “الحنة” وباِتجاه القبلة. يكون رأسها مُغطى بشال يرمز للاحتشام، وتُشعلُ شمعتان تأخذهما صبيتان تقفان وراء العروس.

ثمّ يُطلب من امرأة متقدمة في السّن من أقرباء العروس بوضع الحنة للعروس.

ويتخلل هذه المراسيم الزغاريد، وتُوضع اليد بداخل قفاز مُطرزٍ بالخيط المذهب ومُرَصعٍ وتشد بوشاحِ الطبق (جهاز العروس).

في غرب الجزائر

أما في الغرب الجزائري، وتحديدا وهران، تُقام ليلة الحنة يوم الخطوبة أو يوم الزفاف. حيث تتزين العروس بزيٍّ تقليديٍّ يُعرف بـ”الرْدَا” مزركش وفضفاض.

وتقوم واحدة من أقارب العريس بوضع الحنة الممزوجة بالحليب للعروس.

وفي ختام أجواء وضع الحنة المليء بالزغاريد والأغاني يقوم أحد الأطفال الذكور بوضع الحزام حول خصر العروس.

وفي ولاية معسكر يحمل أهل العريس لأهل العروس حقيبة بيضاء فيها “الجهاز”، أي اللباس الخاص بالعروس.

وبعد تقديم القهوة بالمسمن والكعك، ثمّ الطعام باللحم والمرق، تحضر العروس نفسها وتجلس في وسط القاعة.

بعد تسبيعها ( تقف وتجلس سبع مرات) وهي ملفوفة داخل “الحايك”، فتقوم امرأة كبيرة من أهل العريس لتلبسها.

وتربط لها الحنة الورقية بعد ما تدقّها (الحنة) في “المهراس” وتخلطها بالحليب وماء الزهر والسكر.

وتسكب ذلك كله في صحن من الفخار وتشعل الشموع وتحمل من طرف فتيات وتبقى مشتعلة حتى تنطفئ لوحدها.

وتعلو الزغاريد والغناء من مثل:” الحنة يا لحنينة يا عروستنا المعسكرية” ثم تلف يدها في منديل.

ثم يحضر البراح ليُبرح بصوت عال بالصداق المقدم من طرف العريس المتمثل في الحلي ( الونيسة، مسايس، سلسلة، خيط السُلطاني والخاتم).

في منطقة الهضاب العليا

وفي ولاية الأغواط بالهضاب العليا، يُحضر لهذه المناسبة أكلة “الفتات” أو”الرفيس”، حيث تتمّ في حفل بهيج تحضره النساء من أقارب وجيران.

ويكون لباس العروس عبارة عن: فستان اغواطي، البخنوق، اللحاف.

ويفك شعر العروس ويظفر على شكل فتائل، وتشد بشرائط من حرير أخضر اللون، وتتزين بالحليّ.

ويُوضع لحاف أبيض شفاف على وجه العروس.

وتجلس بين النسوة وتقدم سيدة من الحاضرات الحنة في طبق من فخار مغطى بمنديل.

فتوضع الحنة على يد العروس اليمنى تحت الزغاريد والمواويل.

وأيضا في هذه الليلة يحنى للعريس مع أصحابه تعبيرا عن الفرحة.

في جنوب الجزائر

وفي تمنراست جنوب الجزائر تزين العروس وتوضع لها الحنة قبل العرس بيوم واحد من طرف عجوز مسنة للتبرك.

وكذلك يمشط لها شعرها وتُزينُ بالماكياج المحلي الممزوج بالكحل. كما يُرتبُ لها شعرها على طريقة مجموعات أي تفصل كل مجموعة خصلات عن المجموعة الأخرى.

وكل هذا مع الزغاريد والغناء من طرف الحاضرات. و كل هذه المراسيم تكون بحضور أهل العريس.

الحنة حول العالم !

وتجدر الإشارة إلى أن “الحنة” ليست تقليدا خاصا بالجزائريين أو سُكان المغرب الكبير، ولكنه يمتدّ إلى إفريقيا وآسيا.

في تونس

ففي الجارة تونس يحتفل بالحنة خلال أسبوع كامل.

على أن ترتدي العروس في اليوم الثالث الفستان التقليدي. وترسم الحنة على يديها وقدميها. في حين يرسم العريس في اليوم السادس الحنة على خنصره.

في السودان

وفي السودان تواصل المرأة المتزوجة وضع الحنة منذ لحظة زواجها. ويكون عدم قيامها بذلك إشارة على عدم اهتمامها بزوجها.

في تركيا

فيما يحتفل بنفس العادة في تركيا، من خلال غناء قريبات وصديقات العروس اللائي يرقصن حولها في حفل الحنة.

وهذا حتى تبدأ العروس بالبكاء (إشارة جيدة).ثم يقمن بتزيين أيديهن بالحنة.

في الهند

أما في الهند فيقوم أهل العريس بمعاملة العروس بأفضل طريقة كلما طالت مدة بقاء الحنة على يديها.

وإن بدأت الحنة بالتلاشي فتكون هذه إشارة إلى أن العروس لن تكون سعيدة بزواجها !

You Might Also Like

No Comments

    Leave a Reply